يرّن هاتفي الجوال عند الساعة الواحدة ظهراً في 9 تموز 2006 وانا تحت المظلة على شاطئ البحر في منطقة الجية، آه انه بيرج الشاب الذي كان يشارك صديقي المقرب المنزل في لندن والذي كان يحمل معه طرداً الى أهل صديقي وبما انني أنا صلة الوصل فلا بد ان أجيب.
- الو
- مرحبا مهدي، وينك؟
- أنا عالبحر
- وين يعني؟
- الجية
- خلص وحكيني
- انا مأخر شوي
- الموضوع طارئ
- شو في؟
- ما تتأخر
- طيب أول ما صير ببيروت بجي لعنكون
- أوكي، الموضوع طارئ
اف، ماذا به بيرج؟ أعلم انني تأخرت لأذهب وأجلب الأغراض منه لأسلمها لأهل مصطفى ولكن ماذا دهاه؟ هل تشاجر مجدداً مع مصطفى لأنه دوماً يرسل أغراضاً معه؟ ومصطفى لم يستطع المجيء الى لبنان بسبب الدعوى القضائية المرفوعة ضده من قبل فرقة الرقص الشهيرة كركلا لأنه فسخ العقد معها دون انذار!
لقد تكلمت مع مصطفى منذ يومين واكدت له انني سوف أمر ببيرج واستلم الأغراض واسلمها لأهله بأسرع وقت ممكن!
وصلت الى بيروت وكان علي أن أذهب الى منزل عمي كي أساعد ابنه في دراسته. انتهى الدرس عن الساعة السادسة، كلمت بيرج هاتفياً أجابني وطلب مني المجيء.
استقليت سيارة أجرة وتوجهت نحو عين المريسة، دخلت الى الفندق، قرعت باب الجناح الذي يعيش فيه بيرج فتح لي قاسم – صديق لبناني أيضاً يعيش معهم في نفس المنزل في لندن –
هاي حبيبي، كيفك؟
الحمدالله
وجهه أصفر، كئيب حزين، كان القلق يعم الجناح حيث يوجد ايضاً اندرو وهو بريطاني الجنسية ويعيش معهم في نفس المنزل.
كان بيرج في المرحاض لأنه كان يعاني من تلبك معوي، جلست على الأريكة وانا أنتظره. لم يتحدث أحدهم الي، لم ينظروا في وجهي. لم أستطع تحمل ذلك القلق، فتوجهت بالحديث الى اندرو:
- ما الخطب؟
بلهجة جد جافة وحادة تفتقر الى الأحاسيس والمشاعر وكأنه يقرأ لي خبراً في صحيفة بريطانية:
- يؤسفني أن أخبرك أنهم وجدوا مصطفى ميتاً في المنزل في لندن.
خرج بيرج من المرحاض، وعلم أنهما أخبراني بما أنني كنت أخبئ وجهي بكلتا يداي أكتم صوت البكاء.
فسألت:
كيف؟ متى؟
وجدوه معلقاً بمشنقة في المنزل، لقد انتحر.